"جهادي" تونسي هارب من سوريا .. يروي حكايته

1395066512.jpg1395066512.jpg

يتحدث "أبو قصي" الذي رفض ذكر اسمه الحقيقي و جاء و على وجهه اللثام ، خلال مقابلة تلفزيونية مع إحدى القنوات التونسية و التي تحمل اسم "التونسية" عن تفاصيل رحلته "الجهادية" في سوريا.

أبو قصي و هو شاب في الثلاثين من العمر، كان يعمل في التجارة من تونس نحو ليبيا و ألمانيا، ثم بدأ العمل كموظفٍ رسمي في تونس، قبل أن يسافر إلى ليبيا بغرض العمل في مهنة النجارة التي تعلّمها في صغره، حيث التقى هناك بالجماعات "الجهادية" و انخرط بالعمل "الإسلامي" على حدّ تعبيره.

في ليبيا تدرّب أبو قصي على يد الجماعات "الجهادية"، في الجبل الأخضر جنوب بنغازي، حيث تمرّس استعمال الـ"بي كي سي" و "الكلاشنكوف" و غيرها من أدوات القتال، و شارك في أعمال العنف و التمرد ضد الزعيم الليبي معمر القذافي.

و خلال تواجده في ليبيا و مع بدء الحرب في سوريا، أغراه رفاقه من "الجهاديين" بالسفر إلى سوريا، واعدين إياه بالمال و الغنائم التي سيحصل عليها، و مبشرين إياه بثواب "الجهاد" و أجره.

يقول أبو قصي أنه سافر برفقة 20 شخصا من الجنسيتين الليبية و التونسية، من بنغازي اتجهوا الى انطاكية التركية، و منها إلى ادلب السورية حيث استقبلهم الوسيط في بنّش.

يصف أبو قصي بنّش بأنها كانت أشبه بـ"إمارة اسلامية"، هي قد تكون رديفة لـ "قندهار" افغانستان، إمارة مستقلة.. يحكم فيها شخص يدعى أبو مجاهد الشامي، و تتبع لـ"الجيش الحر".

في ادلب حصل أبو قصي على بطاقة تعريف كغيره من "الجهاديين" تحمل "علم الجيش الحر" و اسمه المكنّى به، و انضم إلى "لواء التوحيد" أكبر الفصائل الإسلامية المقاتلة في سوريا، و قاتل في كتيبة "لواء الأبابيل" التي يرأسها النقيب المنشق عمار الواوي.

يتحدث أبو قصي بأنه و مجموعة من "الجهاديين" اتجهوا نحو جسر الشغور بهدف إقامة "حكومة مستقلة" فيها على غرار حكومة بنغازي في ليبيا خلال "الثورة" هناك، وتلقوا التدريب هناك على يد شخص يدعى مهدي الحاراتي، و هو ليبي عُرف بأنه المخطط لعملية "عروس البحر"، التي يقول بأنها أفضت إلى احتلال طرابلس، كما يقول بأنه المسؤول عن تفجير دمشق الذي راح ضحيته كبار القادة الأمنيين السوريين.

بعد إدلب توجه للقتال في حلب و حين كان هناك جاءت الأوامر من تركيا بألا تسقط حمص، لما لها من موقع جغرافي استراتيجي يسمح للمعارضة بتشكيل حكومة في أي مدينة شمالية و عزل دمشق عنها، و إثر مناشدات الملازم أول المنشق عبد الرزاق طلاس بتقديم الإمدادات لبابا عمرو تحركوا من حلب باتجاه حمص.

يتحدث أبو قصي عن تفاصيل سقوط الرقة -التي لم يشارك في معركتها- بيد "الجهاديين"، فيذكر اسم فيصل الهويدي، و يصفه بكبار شخصيات الرقة و يقول أن لأخيه علاقات مع أمراء سعوديين، و عن الهويدي يقول ابو قصي بأنه كان يدفع المال لأتباعه من محامين و أطباء و غيرهم من الوجهاء و بدورهم كانوا يعملون على تهييج الشارع و دفع العباد إلى الخروج في مظاهرات ضد الدولة.

أما عن السر في سقوط الرقة خلال ساعات قليلة، فيتحدث أبو قصي عن خيانة أحد الضباط المسؤولين عن الحواجز هناك ، حيث تلقى مبلغا كبيرا من المال ليقوم بتنحية حواجز الجيش و إبعادها عن أماكنها، ما جعل الرقة تسقط دون مقاومة.

و عن ممارسات "الجهاديين" يقول: كانوا يدمرون المساجد و يلقون باللوم على الجيش السوري، بهدف تأليب الشارع عليه و جمع المزيد من الانشقاقات في صفوفه، و كانوا يكتبون على جدران المساجد "لا اله إلا الوطن و لا رسول إلا البعث" وَ "الله سوريا بشار و بس" و دفع الناس إلى الاعتقاد أن من كتبها موالون للدولة.

يتحدث أبو قصي أن جماعته في حمص قامت بتعذيب أشخاص، و استخدموا المثقاب الكهربائي الذي وصفه بأنه من وسائل التعذيب الايرانية، بهدف أن يصوروا للشارع أن الحرس الثوري موجود هناك.

أما عن النساء "الجهاديات" فيقول أبو قصي بأنهن موجودات بالفعل، يحصلن على التدريب من شخص يدعى أبو البراء السعودي، في النهار يشاركن في القتال و غالبيتهن تخصصن بحمل القناصات، و في الليل يمارسن "جهاد النكاح".

و عن ليالي "الجهاديين" يقول أبو قصي، كانوا يجلسون و يتحدثون و يغنون الأغاني "الجهادية" و أحيانا يتدربون على القتال، أما عبد الرزاق طلاس فكان يقضي الليل يتكلم عبر "سكايب" مع إحدى خليلاته.

و يتحدث أبو قصي عن الدعم المالي الكبير الذي كان يتلقاه "الجيش الحر" و يروي كيف أن 4 نواب من البحرين، هم عادل المعاودة و عبد المجيد مراد من التيار السلفي و اثنان آخران، جاؤوا و أعطوهم "فلوس"، وقابلوا قائد "صقور الشام"،ابو عيسى، ووعدوه أن لكل مقاتل في "صقور الشام" 1000 دولار شهريا.

كما أن هناك نائباً كويتياً يدعى وليد الطبطباني، أرسل المال عبر جمعية اسلامية، و يشير أبو قصي إلى أن تمويل "الجيش الحر" كان يأتي من تركيا و قطر، و كان المال يصل عبر الحدود التركية دون أن يقوم حرس الحدود بتفتيشه.

يتحدث "الجهادي" التونسي العائد إلى وطنه عن دور الداعية محمد عدنان العرعور في توجيههم، و يقول أنه من خلال منبره في قناة "وصال" السعودية كان يرسل إليهم الرسائل و التوجيهات، كما تحدث عن زيارة قام بها العرعور لـ"مصراته" الليبية، حيث دعاهم فيها إلى أن يحذوا حذو أهل تلك المدينة و ينتصروا في "ثورتهم".

و عن أسباب عودته يقول أبو قصي، بأنه و بعد اغتيال الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي، بدأ الشك ينتابه حول هدفه من "الجهاد" في سوريا، و مع إقدام جماعته على قتل الشيخ حسن يوسف الذي كان يدعو إلى نبذ الفتنة، في حي الشيخ مقصود بحلب، و قيامهم بالتنكيل بجثته و تعليق رأسه على مئذنة الجامع، قرر أن يهرب من سوريا في أول مهمة موكلة إليه.

و كان ذلك، في مهمة كان تموضعه الأخير بين رفاقه الـ15، و كان يحمل سلاح "بي كي سي"، فقتلهم جميعا و هرب، حيث مشى الى حلب فـ حماه، الى حمص، ثم لبنان و هناك القت جهات لبنانية شعبية موالية للدولة السورية القبض عليه، و قامت باستجوابه، و وعدته بإعادته إلى تونس في حال أفصح لهم عن ممرات السلاح التي يتم عبرها التهريب نحو سوريا، و هو ما حصل.

عاد "الجهادي" التونسي -الذي يصف "التوانسة" المشاركين في الحرب السورية بأنهم "كل شيء في المعركة، المخططون، و المقاتلون الشرسون و اصحاب الخيم الدعوية ومن يحكمون في المحاكم الشرعية"- إلى تونس في كانون الثاني من عام 2013، بعد أن أيقن أنه مجرد أداة في لعبة دولية.

يدعو "الجهادي" النادم في ختام حديثه للقناة التلفزيونية إخوته بأن لا يخطؤوا نفس خطئه، مشيراً إلى أنه "قد تم التلاعب بهم، فالقضية ليست لنا، هي لعبة دولية، تجعلنا نخرب بلادنا بأيدينا"، محذّراً بأن المخطط يشمل تونس و الجزائر لتحويل البلدين إلى إمارات إسلامية.

يذكر أن وزارة الداخلية التونسية رصدت عودة نحو 400 "جهادي" تونسي إلى تونس خلال الأسابيع الماضية، وأنها بصدد متابعتهم، بينما تقول السلطات الأمنية بأنها "منعت نحو ثمانية ألاف شاب تونسي من السفر إلى سوريا للقتال في صفوف المعارضة المسلحة"، علما بأن عدد التونسيين الذين يقاتلون حاليا في سوريا يقدر بنحو خمسة آلاف شخص.

التعليقات

أضف تعليق