أسعار السيارات المستعملة خارج نطاق «التموين»!

أخبار
1417689052.jpg1417689052.jpg

شكل غياب السيارات الجديدة عن الأسواق خلال السنوات الأخيرة انتعاشاً واضحاً في تجارة السيارات المستعملة، حيث أغلقت معظم الشركات والصالات التي كانت مخصصة لعرض السيارات الجديدة أو تحولت إلى عرض بعض السيارات المستعملة.

ونشط إلى جانبها الكثير من مكاتب الوساطة وبيع وشراء مثل هذه السيارات، وكل ذلك رسم ملامح سوق جديدة لتجارة السيارات غلب عليه الفوضى والعشوائية وارتفاع الأسعار وتلاعب السماسرة والشقيعة، وغابت عنه جميع أشكال الرقابة والتنظيم والتمويل، وهنا نتساءل ألا يستحق قطاع تجارة السيارات الذي يعتبر من القطاعات الاقتصادية الرائدة والنشطة لجهة حجم الأموال الموظفة والدائرة فيه وحجم العمالة التي يستطيع تشغيلها واستيعابها في عمليات البيع والشراء ونقل الملكية وأعمال الصيانة والإصلاح وغيرها، المزيد من الاهتمام والمتابعة والتنظيم؟.
وللتعرف أكثر على واقع هذه السوق وحالة ارتفاع الأسعار التي بدأ يشتكي منها الكثير من المواطنين الراغبين بشراء سيارة، قامت «الوطن» بجولة على بعض مكاتب بيع السيارات المستعملة في دمشق وريفها والتي بات معظمها يتوزع ضمن مدينة دمشق في منطقة المزرعة والزاهرة الجديدة والمنطقة الصناعية وبعض المناطق الآمنة في ريف دمشق مثل الكسوة وجرمانا وصحنايا، حيث تبين أن هناك حالة ارتفاع كبير تشهدها أسعار السيارات تصل في بعضها إلى أكثر من 100% عما كانت عليه قبل الأزمة، وخاصة لدى السيارات الكورية والتي تعتبر الأكثر رواجاً ومبيعاً في الأسواق نظراً لاعتدال أسعارها وحاجتها من الوقود ووفرة قطع غيارها. وفي رصد لبعض أسعارها سجلت سيارة كيا ريو موديل 2010 (كاملة المواصفات) نحو 1.5 مليون ليرة في حين كان يتراوح سعرها سابقاً بين 650-750 ألف ليرة وتجاوز سعر سيارة كيا فورتي مليوني ليرة بعد أن كان يقترب سعرها من المليون ليرة وكذلك سيارات الهونداي نوع فيرنا تجاوز سعرها مليون ليرة بعد أن كانت بحدود 500-600 ألف ليرة وكذلك سيارة الأفانتي أصبح سعرها يتراوح بين 1.5-2 مليون ليرة حسب سنة صنعها والمواصفات التي تتمتع بها بعد أن كانت تباع سابقاً بين 800-900 ألف ليرة، في حين سجلت السيارات القديمة ارتفاعات أقل مثل سيارة نيسان موديل 1983 أصبح سعرها نحو 500 ألف وسيارة مازدا 929 والتي تعود لسنة الصنع نفسها فوصل سعرها إلى نحو 600 ألف ليرة، كما رصدت «الوطن» في جولتها العديد من شكاوى المواطنين حول كثرة حالات الغش والغبن التي يتعرض لها الزبون في أسواق السيارات المستعملة وخاصة إذا لم يكن لديه الخبرة الكافية.
وحول معرفة أسباب ارتفاع الأسعار أفاد معظم التجار الذين التقتهم «الوطن» أنها تعود إلى حالة انخفاض العرض الموجود في الأسواق بسبب توقف عمليات الاستيراد، وتوقف البنوك عن منح القروض الخاصة بشراء السيارات، إضافة إلى زيادة الرسوم الجمركية على السيارات ذات المحركات الكبيرة، وشيوع عمليات تهريب السيارات إلى الدول المجاورة، في حين ركز عدد من التجار على مسألة انخفاض أسعار صرف الليرة أمام الدولار معتبرين أنه العامل الأهم لارتفاع الأسعار.
حيث أفاد عدد من تجار السيارات المستعملة في أشرفية صحنايا أن ارتفاع سعر صرف الدولار مؤخراً من 170 ليرة إلى نحو 200 ليرة في السوق السوداء رافقه ارتفاع مماثل في أسعار السيارات يصل إلى 10%.
ولاستطلاع الرأي الأكاديمي في ذلك كنا قد التقينا الدكتور موسى غرير رئيس قسم الاقتصاد بجامعة دمشق الذي اعتبر أن استقرار حالة الصرف لليرة السورية يسهم بشكل فعال في تحريك الحياة الاقتصادية وانتعاش مختلف القطاعات بما فيها قطاع السيارات الذي تضرر كثيراً خلال المرحلة الماضية لجهة عزوف المدخرين عنه وتوجههم نحو الاستثمار في أسعار الدولار التي كانت تتجه نحو التصاعد، لكن جملة من العوامل أدت مؤخراً إلى عودة النشاط إلى قطاع السيارات وزيادة حركة المبيعات وبالتالي ارتفاع الأسعار وفي مقدمتها عودة الاستقرار والثبات النسبي لأسعار الدولار في السوق المحلية الذي أعاد الجاذبية للادخار في هذا القطاع وخاصة أن قطاع العقارات الذي عادة ما يفضله السوريون في توظيف مدخراتهم ارتفعت نسبة المخاطرة فيه بسبب الظروف، إضافة إلى أن الادخار في السيارة يتمتع بميزة استخدام هذه السيارة طيلة فترة الادخار، ومن ضمن العوامل التي تشجع على الادخار في هذا القطاع ثمن السيارة الذي بات يتراوح بين 500 ألف ومليونين وهو ما يناسب شريحة واسعة من مدخري الطبقة الوسطى، كما يرى أن انخفاض العرض مقابل الطلب جراء التوقف عن استيراد السيارات الجديدة شكل حافزاً موضوعياً لارتفاع الأسعار.
وفي توجهنا إلى مدير حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية باسل طحان لمعرفة الدور الذي تطلع به المديرية في هذا المجال أفاد بأن أسواق السيارات المستعملة هي خارج نطاق عمل حماية المستهلك بسبب غياب تسعيرة محددة لهذه السلعة أو مواصفات واضحة، إضافة إلى أن عمليات البيع والشراء في هذه الأسواق يحكمها العرض والطلب ورغبة الزبون في الشراء، وأن عمل المديرية ينحصر ضمن إطار بيع وشراء السيارات الجديدة، كما يرى أن الضامن الوحيد في مثل هذه الحالات هو عقد البيع الذي لابد من تطويره وتعديله بحيث يتضمن حقلاً خاصاً يوضح ويوثق حالة السيارة بمختلف جوانبها وبشكل مفصل لأن العقد هو شريعة المتعاقدين وفي حال حدوث أي خلل في العقد يستطيع أي من الفريقين البائع أو المشتري التوجه إلى القضاء.

التعليقات

أضف تعليق