من ذاكرة الوطن....يوسف حمد العيسمي....

أخبار
1425246637.jpg1425246637.jpg

يعتبر الشيخ "يوسف العيسمي" الملقب "أبو حمد" من المجاهدين الذين تربوا في كنف الثورة والجهاد، فقد شارك في النضال الوطني ضد الاحتلالين العثماني والفرنسي، لقبه الأمير "فيصل بن الحسين" بـ"أبي مسلم" نسبة إلى "أبي مسلم الخراساني" لما يتمتع به من حنكة وألمعية، وه

كذلك أول عضو في مجلس نيابي ضمن حكومة الأمير "سليم الأطرش" في 21 مايو سنة 1921 حيث أقسم يمين الإخلاص للوطن أمام "المجاهد "رشيد طليع".

«اشتهر المجاهد "يوسف العيسمي" بالفطنة والذكاء الحاد، ومقدرته على الإقناع والمحاورة، إذ في عام 1923 اقسم يمين الولاء لمبادئ الثورة، ونتيجة لدوره المميز في التعبئة ظهرت نتائجه في معركة "الكفر"، فقد رفض "نورمان" قائد الحملة الفرنسية في معركة "الكفر" طلب "سلطان الأطرش" بعدم سفك الدم وزاد أن هدد بالإبادة، فقام "العيسمي" بتأليف رسالة فورية رداً عليه من بنات أفكاره وحملها لبدوي شق صفوف المجاهدين عند "نبع العين" ليبلغها إلى "سلطان" بصوته الجهوري قائلاً: "إن 200 مقاتل من بدو "بني لوي" رهن إشارتكم للالتحاق والمشاركة بالثورة، وكان هو بين الجمهور فأثارت هذه الرسالة حماسة الثوار ومنذ ذلك التاريخ عرف "يوسف العيسمي" بـ"أبي لوي"، بنيت شخصيته على القيادة إذ انتخب عضواً في المجلس الوطني عام 1926، وترأس الوفد إلى "عمان" لقبول العائلات النازحة داخل أراضيها، وواحداً من أعضاء الوفد الذي شكل لمقابلة الملك "فيصل بن الحسين" ملك "العراق" لمساعدة سورية، الأمر الذي دفع "خير الدين زركلي" عندما زار "وادي السرحان" عام 1927 أن يقول فيه: "أبو حمد يوسف العيسمي"، من أكابر الدروز ومن شجعانهم، ومن شعرائهم وأهل الرأي فيهم وهو عضو في اللجنة العليا، واستهدينا ببروج السماء التي كان يحسن البدو والدروز معرفة منازلها، كان العيسمي يعين لنا وجهة السير جاعلاً الثريا عن يمينه مستهدياً بنجوم أخرى"».

وتابع الباحث "محمد جابر" بالقول:

«في عام 1929 أوفد إلى الحجاز لمقابلة الملك عبد العزيز لمحاولة إقناعه بالرجوع عن طلب ترحيل الثوار من "الحديثة" إلى الداخل الباحث محمد جابر أو خروجهم من المملكة، فسافر عن طريق "مصر" واتصل بالزعماء المصريين برفقة الصحفيين "تيسير ذبيان وعباس المصفي"، فقابل "مصطفى النحاس، وأحمد زكي، ومحمد علي الظاهر، وزار أحمد شوقي أمير الشعراء ونقل إليه شكر قيادة الثورة على قصيدته "دمشق"، وفي صيف عام 1933 عاد من "وادي السرحان" إلى الأردن برفقة القائد العام للثورة وفريق المجاهدين بعد قبولهم لاجئين سياسيين، وفي شهر أيار عام 1937 عاد إلى أرض الوطن برفقة "سلطان الأطرش" ورفاقه واستقبلهم الشعب السوري استقبالاً عظيماً، في 4 تموز عام 1953 مثل الجبل في مؤتمر حمص للقوى الوطنية وألقى كلمة الافتتاح بالنيابة عن "سلطان الأطرش" الذي قال فيه حين رحيله في 23 /2/ 1974 "أبو حمد علم انطوى، وسيف انغمد، وله فضل كبير في الثورة"».

وعن نشأة شخصيته الاجتماعية والثورية بين حفيده الباحث المهندس "كمال العيسمي" عضو لجنة جمع تراث الثورة السورية الكبرى قائلاً:

«ولد جدي المرحوم "يوسف العيسمي" في قرية "امتان" عام 1885، التابعة لقضاء صلخد وتعلم القراءة والكتابة فيها، والده أحد الثائرين على الاحتلال العثماني ومن قادة الحركة العامية في الجبل عام 1888، وإذا أردنا عن حياته فهي طويلة المناقب ولكن سوف أتحدث بعض ومضات من مشاركته بالثورة السورية الكبرى فهو من نطق باسم الثورة في كثير من المحافل المحلية والعربية قبل الثورة وبعدها لذلك أسماه البعض سكرتير الثورة ووزير خارجيتها نظراً للمهام التي قام بها أو كلف فيها من قبل قيادة الثورة وقائدها، ومن تلك المهام أنه التحق مع كوكبة من فرسان الجبل بقيادة "سلطان باشا الأطرش" بالجيش العربي في العقبة الذي يقوده الأمير "فيصل" ومشوا في طليعة ذلك الجيش الزاحف إلى دمشق ووصلوا إليها ورفعوا العلم العربي على دار الحكومة، وجاء رسولا أمينا من المناضل الأبي "رشيد طليع" الذي كان في القدس المجاهد يوسف حمد العيسمي شارحاً أهداف مؤتمر حمص الوطني حاملاً أمانة وكتابا بخط يده إلى سلطان الأطرش في الجبل وذلك في الشهر العاشر من عام 1924».

أما عن حياته الاجتماعية فتابع المهندس "كمال العيسمي" بالقول:

«كان "يوسف حمد العيسمي" في حياته الاجتماعية إنساناً مبتكراً في أفكاره؛ ومن أصحاب المبادرات بصيرته ثاقبة تطلعه بعيد النظر والمستوى صاحب قرار وقيادة؛ مؤمن غير متشدد ولا متعصب، رغم أنه كان ملتحياً ومعتمّاً، كان على خلاف مع رجال الدين حول عبودية كثير من الأفكار وقف ضدها واعتبرها حجابا على العقل ناهض الفئوية والعائلية واعتبرها ثقافة باطلة منكفئة إلى الخلف، تواصل مع كثير من الناس وكوّن علاقات اجتماعية معهم ومن مختلف الفئات، عمل مزارعاً دؤوباً مواظباً وفلاحاً متواضعاً فقيراً وترك أرضاً متوسطة المساحة وبيتاً ما زال سقفه من تراب رغم أن ابنه "حمد" درّس مادة الرياضيات في مدارس السويداء وابنه "كنج" معلم ومغترب إلى "فنزويلا" وابنه "شبلي" شغل أكثر من منصب وزاري، وأجمل ما ردده من أشعاره:

بالعمر ما ذهبنا ذات لونين/ الهدف واحد بس خدمة وطنا
فهو شاعر يجيد نظم الشعر الشعبي وله دور في توثيق الكثير من الأحداث الكثيرة بشعره».
وعن أعماله النضالية والثورية تابع "العيسمي" بالقول:

«وصلته رسائل من قادة ومفكرين وأدباء ورد عليها وبقي لدينا من وثائقه رسالة أرسلها له الأمير المجاهد "شكيب أرسلان" من "جنيف" عام 1932 ورسائل من المجاهد "فضل الله الأطرش" حول وحدة البلاد السورية، ورسالة أرسلها للكاتب "حنا أبي راشد" ذات محتوى قومي نهضوي، تظهر الرسائل في الملحقات شقيقاته بسمة ودرة أرامل شهداء وأمهات أيتام، إذ "بسمة" هي أرملة الشهيد "زيدان فرحات العيسمي" شهيد معركة المزرعة، و"درة " أرملة الشهيد "فايز فرحات العيسمي" شهيد أرض فلسطين، وابنته "سعاد" أرملة الشهيد الملازم أول أستاذ الفلسفة في مدارس السويداء "زيد نجيب العيسمي" شهيد الواجب المهندس كمال العيسمي في الجبهة السورية، لعل جدي "يوسف" الذي حمل مآثر تاريخية ومواقف نضالية، يجعلنا نتساءل كيف قيم الوفاء تتميز عند الكبار والقادة ذلك رأيناه عند رحيله في 23/2/1974 حيث نعاه القائد العام للثورة السورية الكبرى "سلطان باشا الأطرش" للأمة العربية سيفاً من سيوف الثورة وعلماً من أعلامها في كلمة تأبينية ألقاها المجاهد الكبير "أبو غالب زيد الأطرش" نيابةً عنه، ليدفن في قريته "امتان" التي بها ولد وإليها عاد بعد معاناة الثائر،


التعليقات

أضف تعليق